بين الفلكلور والمقاربة التاريخية
فضاءات التأريخ الشفوي متعددة، ويمكن جمعها ضمن الفضاءات التالية: الاجتماعي، الانثروبولوجي، اللساني، التاريخي، الإبداعي، والمؤسسات. وضمن هذا الإطار الواسع للتأريخ الشفوي الذي يكاد يستوعب كافة مظاهر الحياة الإنسانية، يحصل لبس أحياناً بين مقاربة التاريخ الشفوي للحدث التاريخي وللموروث الفولكلوري.
ومن هنا لا بد من شرح مبسط لتمييز الفروقات الدقيقة بينهما. فالمقاربة التأريخية تركز على التفاصيل وتسلسل الأحداث ووصف الوقائع والشهادات الفردية وتقاطعاتها، في حين أن المقاربة الفولكلورية تركز على الأنماط الجمالية والفنية، أو على المظاهر الاجتماعية والإنسانية، وتعطي الأولوية للقيمة الإنسانية الجمعية.
في النوع الفولكلوري ليس من المهم ما يقال بل الأهم هو كيف يقال، ولذلك تركّز معظم مقابلات هذا النوع على شخصيات الأفراد الذين يحملون الإرث الجماعي، ويكون حفظ التسجيلات هو أساس الاسترجاع والدراسة، خاصة وأن النص المفرّغ عن التسجيلات لا يتمكّن من التقاط اللهجة ونقلها، وكذلك النبرة وتقلبات الصوت والعواطف ناهيك عن الموسيقى أو الرقص أو غيرها، وجميعها من الأشياء الضائعة في النص. لذلك فإن التسجيل الصوتي والفيديو من الِأشياء الضرورية في مقاربة التأريخ الشفوي للفولكلور.
أما في مقاربة التأريخ الشفوي للأحداث التاريخية فإنه يتم التركيز على المعلومات التي يتمّ سردها خلال المقابلات، وبذلك يتم التركيز على النص أكثر ويكون له دور هام في المعالجة والدراسات والتحليل.
بتصرف عن: Oral History: A Guide for Conducting Naval Historical Interviews