أيهما سبق الآخر، المكتوب أم الشفوي؟
يعدّ التأريخ الشفوي من العلوم الحديثة النشأة نسبياً، حيث ارتبط بظهور الة التسجيل. وقد بدأ هذا الشكل الحديث من التسجيلات الشفوية الصوتية في جامعة كولومبيا الأمريكية على يد المؤرّخ “آلان نيفنس” إذ بدا بتسجيل حياة الأشخاص المهمين والمؤثرين في أمريكا عام 1948.
وعلى عكس الاهتمام بالشخصيات العظمى آنذاك، بدأ رائد التأريخ الشفوي في انجلترا “جورج ايفانس” بجمع مذكرات الأشخاص العاديين في قرية “سفولك” حيث كان يعدّ كبار السن ككتب متنقلة، وهو ما نشر تحت عنوان “اسأل التابعين الذين قطعوا القش” وتطور بعد ذلك التأريخ الشفوي في اسكتلندا، وركّز على الثقافة والتاريخ الاسكتلنديين.
وبغض النظر عن الاختلاف في طريقة البحث والتأريخ بين الأساليب الثلاث السابقة، فإن الاعتماد على التسجيل الصوتي بدأ يعكس التغير في المناخين السياسي والاجتماعي، في تسجيل الأحداث الماضية التي مرت، وبهذا بدأ التأريخ الشفوي يميّز نفسه بمنهجه الخاص ومدارسه المتعددة.
ولربما في مرحلة تاريخية سابقة، وقبل ظهور التأريخ المكتوب حتى، كانت الكلمة الشفوية الأساس في نقل ما يحدث ويحصل، حتى ولو لم تتم كتابتها، ولهذا يعدّ أحيانا أن التاريخ الشفوي قد سبق المكتوب بمراحل، إلا أن المنهجية العلمية لهذا التأريخ، لم تتبلور بشكل كامل، قبل التاريخ الذي ذكرناه أعلاه.