أهمية التاريخ الشفوي في كتابة التاريخ الفلسطيني المعاصر

تكمن أهمية الرواية الشفوية في كتابة التاريخ الفلسطيني بعدة مستويات بدايةً فإن الرواية الشفوية الشعبية تدحض رواية الاحتلال أو تبرز جوانب الخطأ فيها فالتاريخ الشفوي هو الوثيقة الشعبية في مواجهة الوثيقة الرسمية للاحتلال، إضافة لدوره في كشف تزييف الوثائق الذي تمارسه سلطات الاحتلال.

فمثلاً الرواية الشعبية الفلسطينية حول ملف اللجوء الفلسطيني في عام 1948 تدحض كل محاولات التنكر للمسؤولية و ادعاءات سلطات الاحتلال أن اللاجئين قد تركوا مدنهم وقراهم طوعاً، وكذلك الأمر في ملف الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الأولى / 1987-1994/ التي كان أبطالها شباناً لم يوثقوا تجربتهم لأسباب كثيرة ولا يمكن كتابة تاريخ تلك الفترة دون الحصول على شهادتهم الشفوية حيث مارست سلطة الاحتلال حينها كل وسائل القمع وكانت الرواية التي تصدرها للعالم تتنصل من المسؤولية.

وفي مستوى أخر فإن كتابة السير الذاتية والتي تدخل ضمن التأريخ الشفوي كمصدر لتاريخ فلسطين المعاصر سمحت لكتاب السير الذاتية ان يجعلوا من التجربة الشخصية مدخلاً ونافذة على الحياة العامة وأن يغوصوا في تفصيلات ذات نكهة خاصة بجانبها الإنساني تعطي التاريخ من الألفة والمباشرة والحياة ما لا يتوفر في التاريخ والوثائق الرسمية.

وكذلك للرواية الشفوية أهمية بالغة على مستوى الأرشيف الوطني، لأن صناعة المصادر هي اهم الخطوات لكتابة التاريخ الفلسطيني المعاصر، وتحجز الرواية الشفوية مكانتها سواء برفد العملية التأريخية بالمصادر او بمقاومة التشويه والتزييف الذي يتعرض له تراث وتاريخ الشعب الفلسطيني.

إنّ مهمة حفظ وكتابة التاريخ الفلسطيني هي مهمة حساسة وصعبة نظرا للحشد الهائل الذي يكرسه الاحتلال في الاعلام والدراسات والأبحاث لطمس الحقائق والوقائع. والتاريخ الشفوي هنا يعزز من مصداقية وموضوعية الكتابة التاريخية حيث تقدم الرواية الشفوية الفرصة لكتابة تاريخ مجتمعي جماهيري و تساهم بحفظه من الضياع.

بتصرف من دراسة “أهمية التاريخ الشفوي في كتابة التاريخ الفلسطيني المعاصر” الباحث: د. خالد محمد عطية صافي أستاذ تاريخ العرب الحديث والمعاصر قسم التاريخ – جامعة الأقصى – غزة / 2009

المزيد..