الحوارات الصعبة دليل تجربة عميقة
لم يكن من السهل استخراج الكلمات والعبارات والأفكار في حوارات كثيرة قمنا بها في مؤسسة وثيقة وطن، فقد وجد بعض الرواة صعوبة في رواية ما حدث، على الرغم من قدومهم لتقديم شهادتهم في موضوع محدد، إلا أنهم كانوا يواجهون الهرب من ذاتهم بطرق مختلفة، وهنا كانت تكمن صعوبة إجراء بعض الحوارات التي تحمل تجربة قاسية فمن يهرب من ذاته، هل سيلجأ إليك كمحاور بسهولة ؟في هذه النقطة تحديدا تبرز إمكانيات المحاور الناجح في بناء علاقة ثقة واحترام ، ومساعدة الشاهد على الحديث ، بطريقة سلسة وبسيطة، تبقي الشاهد متمكن من ذاكرته و مسيطر على مشاعره بشكل يكاد يكون فيه الحوار نوعا من الدعم النفسي للشاهد.
في أحيان كثيرة كان باحثو المؤسسة ينتقلون من أسلوب الأسئلة المباشرة إلى طرح أسئلة عامة حول الحدث، لمساعدة الشاهد على الإرتياح، والاستمرار بالحديث على نحو أبسط.
ربما قساوة الظروف أو الأحداث ببعض التجارب تجبر كثيرين على الهروب والنسيان، النسيان المؤقت، الذي لا يعني أن الألم ذهب، بل اختزن على شكل وجع، في متاهات الذاكرة، وهنا يأتي دور المؤرّخ الشفوي، كي يُحيي من نسيج الذاكرة ما عجز التاريخ عن روايته في المخطوطات.