ما قبل المقابلات الشفوية : الإعداد والبحث المقابلات: المبادئ الموجِّهة لقيادة المقابلة

إعداد: د. بثينة شعبان

مقدمة:

يتناول التأريخ الشفوي تأريخ قامة أو حركة أو حدث مجتمعي أو سياسي شفوياً. وتثير كلمة تأريخ هنا أسئلة من نوع: ما هي القيمة التي يضيفها التاريخ الشفوي للتاريخ المكتوب؟ وبما أنّ هناك من يكتب التاريخ فلماذا تُؤرخ الأحداث شفوياً أيضاً؟ من الثابت اليوم في العالم أجمع أنّ التاريخ الشفوي يعدّ رافداً أساسياً للتاريخ المكتوب، وهو غالباً ما يقدم معلومات لا يأتي على ذكرها التاريخ المكتوب ويسلط الضوء على حالات يغفلها التاريخ الرسمي ويبرز أهمية ما هو عاديّ ولا يستحق الذكر بالنسبة له    (Thompson, 2003).

ينطلق التأريخ الشفوي من فكرة أساسية مفادها أننا جميعنا عابرون وأن حياة الإنسان هي حياة مؤقتة، ولذا فمن المفيد والطبيعي أن نراكم الخبرات و المعارف الأساسية وننقلها من جيل إلى جيل من خلال تأريخ هذه الخبرات وهذه المعارف، ومن خلال رفد الجيل القادم بها. وهذا ما يميز التاريخ الشفوي عن التاريخ المكتوب الذي هو عبارة عن مجموعة من الجمل والعبارات التي تَكتب دون أن تلامس الغذاء الروحي والمهني والإنساني للمجتمع بجميع طبقاته، في حين أنّ التأريخ اشفوي يتيح توثيق تلك القصص التي يمكن أن تشكل رافداً هاماً للشباب والشابات والأطفال والأحفاد، وتسهم في صياغة وتطوير هويتهم الثقافية والاجتماعية والإنسانية.

يعد ّعالمنا العربي متأخر كثيراً فيما يتعلق بالتأريخ الشفوي، فقد بدأت بلدان أخرى منذ عشرات السنين عملية التأريخ الشفوي، ولديها اليوم مئات المراكز المتخصصة في هذا المجال ، أما بالنسبة لسوريا فتعتبر مؤسسة وثيقة وطن الأولى من نوعها في مجال التأريخ الشفوي مما يجعلنا من رواد العمل العربي في هذا المجال ولكن يعرّض المحاور للعديد من الصعوبات في ظل انعدام ثقافة التأريخ الشفوي في مجتمعنا والوعي الكافي لماهيتها وقيمتها والهدف منها ولهذا تسعى هذه الورقة إلى توضيح مفهوم التأريخ الشفوي كنمط من أنماط البحث النوعي وتشرح مراحل الإعداد لمقابلة التأريخ الشفوي وتوضّح المبادئ الموجهة لقيادة المقابلة.

التأريخ الشفوي: بحث نوعي

إنّ بحث التأريخ الشفوي هو بحث نوعي وكغيره من العلوم الاجتماعية لا يوجد بمعزل عن العملية البحثية بل يشارك الباحثون من خلالها في عملية بناء المعرفة فالبحث النوعي عملية مرنة وطرق البحث فيه لا يمكن تأطيرها ولذا من الصعب أن يتخذ التأريخ الشفوي مساراً واحداً بل يتطلب العمل على مشاريعه إعادة تقييم العديد من خطوات البحث ويتغير فيه مسار وطريقة البحث بناء على نتائج البحث وأهدافه والتي من الممكن أن تتضمن الاستكشاف والشرح والوصف وبناء النظريات أو تقييم نظريات سابقة(Leavy, 2011). وعليه تقدم مشاريع التأريخ الشفوي معلومات وصفية غنية ويمكن أن تشكل جزءاً من الدراسات الاستكشافية، الوصفية والشرحية من خلال اعتماد منهج مقابلة مَن شهد حدثاً تاريخياً بغية كتابة قصته ومنحه معنى. فمعنى الحدث لم يكن موجوداً مثبتاً بانتظار أن يُكتشف بل يُخلق من خلال عملية يتعاون فيها كل من الراوي والمحاور تسمى المقابلة. وعليه تفرض عملية جمع البيانات في مقابلات التأريخ الشفوي علاقة تبادلية بين الراوي والمحاور حيث يساهم كل منهما في خلق البيانات ويتحكم في إدارة الحوار. ومن الناحية المعرفية يحتل كلٌّ من المحاور والراوي المرتبة ذاتها من حيث درجة المعرفة والموقع السلطوي فتفرض المقابلة حالة من المساواة بينهما في عملية كتابة قصة الحدث.

هذا وتتشابه مقابلات التأريخ الشفوي مع غيرها من مقابلات البحث النوعي في أنها تركز على النوع مقابل الكم وبالتالي تبرز المقابلة الجانب الشخصي والإنساني الذي تختلف فيه المقابلة عن غيرها وهذا ما يمنح كل مقابلة خصوصية وتميزاً يجعلها تختلف فيها عن غيرها من المقابلات ولذا فمن المستحيل أن يتشابه سيناريو مقابلتين. فيما تختلف مقابلات التأريخ الشفوي عن مقابلات البحث النوعي في أنها تركز على راوٍ واحد وقد تمتد مقابلة التاريخ الشفوي إلى عدة جلسات وهو ما قد يؤثر على عنصر الشمول مقابل التعمق في الحالة وبينما تركز مقابلات البحث النوعي على موضوعٍ أو قضيةٍ معينةٍ، تغطي مقابلات التأريخ الشفوي جزءاً أشمل من حياة الراوي لتربط بين التجربة الشخصية والسياق الزمني والمكاني والموضوعي والتاريخي لهذه التجربة(idib) .

تنقسم مقابلات البحث النوعي إلى عدة أنواع: المنظمة وشبه المنظمة وغير المنظمة وفيما تتبع المقابلات المنظمة نمط وجود دليل يحتوي أسئلة معينة توجه المخاطب في مسار محدد وتكون صلبة في منهجيتها، تتخذ المقابلات شبه المنظمة مساراً أكثر مرونة في منهجيتها حيث يتطلب اتباعها إعداد دليل مقابلات توجه كلاً من المحاور والمخاطب ولكن تتيح لكل منهما الخروج عن نطاق الدليل بغية استقصاء نقاط بحث جديدة أثيرت أثناء المقابلة والتوسع في إحدى زواياها وبالتالي فتح آفاق بحث جديدة ربما لم يدرك الباحث وجودها إلا من خلال المقابلة(King et al, 2019) . ومن ناحية أخرى يؤطر الدليل موضوع المقابلة فلا يضيع الباحث أثناء تحليل الحوار في تفاصيل لا تخدم موضوع البحث وهو ما قد يحصل عند عدم وجود دليل للمقابلات كما في حال المقابلات غير المنظمة. ويتطلب تحضير دليل المقابلة وعي لغرض البحث وأهدافه بحيث تتيح أسئلة المقابلات الحصول على إجابات للأسئلة التي يطرحها الباحث في مشروعه وهو المنهج المتبع في مقابلات التأريخ الشفوي، وعليه تمرّ مرحلة إعداد المقابلة في عدة مراحل:

المرحلة الأولى: مرحلة البحث الأولي عن موضوع مشروع التأريخ الشفوي:

يعتبر البحث عن موضوع بحث التأريخ الشفوي من أهم مراحل إجراء المقابلة وذلك لعدة أسباب أهمها :

1- تحديد ما يُعرف عن الحدث موضوع البحث وما ينبغي الاستقصاء عنه من خلال المقابلات ممن لم يوثق من قبل أو تم تهميشه أونسيانه ومما سيتم التأكد من صحته لاستكمال المعلومات عن القصة موضوع البحث.

2- ربط الروايات بسياقها التاريخي وتحديد أسماء أشخاص وأماكن تتعلق بموضوع البحث للسؤال عنها في المقابلة.

3- تحضير أسئلة تشجع الراوي على سرد روايته وتقديم أجوبة تفصيلية وتوجه مسار المقابلة كأن نجمع معلومات بغرض الحصول على معرفة مسبقة عن التفاصيل والتواريخ المتعلقة بالحدث:

على سبيل المثال: تختلف بداية الأحداث في كل منطقة عن بداية الحرب في سورية، لذلك ينبغي أن نكون على علم مسبق متى بدأت الأزمة في المنطقة التي ينتمي لها مَن نودّ مقابلته والتركيز على بداية الأحداث في المنطقة ذاتها وليس في 2011 بهدف توجيه أسئلة مناسبة لموضوع الحدث تتعلق بما عانته تلك المنطقة وليس غيرها من حصار ومجازر وقذائف وغيره.

4- تحديد الرواة وهو ما سنناقشه في الفقرة التالية.

أين يمكن البحث عن الموضوع؟ يمكن جمع معلومات عن موضوع البحث في المكتبات، الأرشيف، السجلات العامة (الحكومية أو الخاصة)، والمنظمات أو المؤسسات ذات الصلة بالراوي (والتي وقعت معها المؤسسة الراعية لمشروع التأريخ الشفوي مذكرة تفاهم) ،المجلات أو الجرائد، والمواقع الالكترونية، أو من خلال الأشخاص والمجموعات المحلية المهتمة بموضوع التأريخ.

المرحلة الثانية: تحديد الرواة:

أولاً يجب التوضيح أنه بما أنّ بحث التأريخ الشفوي هو بحث نوعي يركز على النوع وليس الكم فليس من الضرورة أن يكون التاريخ الشفوي شاملاً لكل الحالات، بمعنى أنه إن أردنا التأريخ لحدث ما ليست هناك حاجة لمقابلة كل شخص شهد الحدث المراد تأريخه وأن نأتي بنتيجة علمية دقيقة لهذا الحدث، بل بإمكاننا الاكتفاء باختيار عينات لكل شريحة شهدت الحدث أو عايشت الفترة التاريخية موضوع البحث (مستويات معينة، أعماراً معينة، مهناً معينة) تُمثل معظم ما نودّ التطرّق له في موضوع البحث عن حدث معين، وذلك كاف لكي يُعطي فكرة عن هذا الحدث و يُغطي جوانبه. وغالباً ما تكوّن هذه المنهجية في انتقاء الرواة فكرة علمية ودقيقة عن الموضوع إذا ما تم اختيار هذه الشرائح والمستويات والأعمار بشكل دقيق. ويمنح منهج اختيار العينات الباحث حرية أكبر، وخاصة عندما يتعلق الأمر بتوثيق حياة الأشخاص ممن لديهم ذاكرة حية لأحداث هامة يمكن أن ينقلوها للجيل الجديد ويمكن أن تبقى وتُقرأ على مدى أجيال، ومن المهم توثيقها قبل أن يرحلوا وترحل تجربتهم معهم وتخسر الذاكرة الوطنية والعالمية جزءاً لم ولن يتم البوح به عن تفاصيل الأحداث التي عايشوها.

من هو راوي التأريخ الشفوي؟

هو من لديه تجربة أولية وليست ثانوية تتعلق بموضوع البحث أي أنه عاش التجربة أو شهد الحدث بنفسه ولم ينقل الرواية عن غيره (3(Ritchie, 200. أما عن طريقة الوصول إلى الرواة المعنيين فتتم أثناء البحث عن الموضوع وقد تكون إمّا عن طريق المعارف والعلاقات مع مهتمين بموضوع البحث أو من خلال المنظمات المرتبطة بالموضوع (جمعيات محلية أو أهلية، ومؤسسات مهنية أو حرفية أو وزارات). قد يتم التعرف عليهم أيضاً من خلال متابعة وسائل الإعلام والبرامج التي تتقاطع من قريب أو بعيد مع موضوع البحث أو عن طريق طرح أو متابعة نشاطات عامة تتعلق بموضوع البحث (متاحف، معارض، ندوات، محاضرات…). والأسلوب الأكثر اتباعاً هو طريقة “كرة الثلج”: حيث يتم الاستدلال على شهود آخرين عانوا أو عايشوا ذات الحدث أو أحداث مشابهة عن طريق الرواة الذين تتم مقابلتهم.

وحين نستعرض الأسماء أو الشخصيات أو نصادف شخصية ما لديها ما يستوجب مشاركته مع آخرين وتتقاطع مع موضوع البحث، فيجب أن نختار الوقت المناسب للقيام بذلك. وحين نستمع لقصص أو آراء نشعر أنها ستكون مفيدة لجميع الناس وليس لنا فقط، ونتمنى أن نشاطر الناس هذا الذي نسمعه الآن ونتمنى أن تقرأه الاجيال القادمة، حين ذاك نقرر أن نؤرخ لهذه الشخصية أي عندما نجد أن لدى هذا الشخصية قيمة مضافة سواء في تجربتها أو حياتها أو مهاراتها أو علمها ومن الفائدة أن تُقرأ من قبل غيرنا.

ولا تقتصر هذه القيمة المضافة على لون معين أو فئة معينة أو مهنة معينة. وما نقصده بالقيمة المضافة هنا هو قيمة أخلاقية وإنسانية وطبيعية تتحلى بها تجربة الراوي وتستحق أن يسمعها ويتشاركها الجميع، وبمقابلة الراوي وتسجيل قصته وتوثيقها يشكل ذلك قيمة مضافة لآخرين أتاحت لهم المقابلة فرصة التعرف عليها. على هذا النحو يمكن أن نوثق شخصية من الفن التشكيلي، أو السياسة، أو عامل حرفة (مهنية مثلاً)، وأي شخص لديه قيمة مضافة في مهنته أو حياته الشخصية أو الإجتماعية ذات أهمية للآخرين ليعرفوها ويقرأوا عنها حتى بعد غياب الشخص. وعند انتقاء الرواة ينبغي أن لا ننسى أن الهدف في النهاية هو الحصول على عينة ممثلة من الناس التي يمكن أن تشاركنا أفكاراً من وجهات نظر متعددة. على سبيل المثال، إن تناول موضوع البحث الحالة الإنسانية لقرية أو بلدة عانت وطأة الحرب والقتل والدمار خلال فترة تاريخية معينة فيجب أن لا تشمل دائرة الرواة الرجال والنساء فقط ولكن أيضاً الأطفال واليافعين ممن عايشوا تلك الفترة وممن يستطيعوا تزويدنا بوجهة نظر جيل أصغر لتصلنا القصة كاملة وشاملة لمختلف الفئات العمرية.

المرحلة الثالثة: التعرف على الراوي:

قبل مقابلة شخص ما، ينبغي جمع بعض المعلومات عنه وعن وتاريخ ميلاده والمواقع التي شغلها، والقيمة المضافة التي نرجوها منه، والوضع الاجتماعي، والأصدقاء، إلخ وإجراء بحث عن مؤلفاته وما كتب عنه إن وجد بغية التعرف على شخصية من نود مقابلته والتجارب التي خاضها مما يسهل مد جسور الألفة والثقة بين الراوي والمحاور عند لقائه للمرة الأولى.

المرحلة الرابعة: الجلسة التمهيدية:

إنّ زيارة الراوي تحضيراً للمقابلة قبل بدء جلسة التسجيل إن أمكن هو أمر مفيد لتقييم مدى ارتباط تجربته بموضوع المقابلة. هذا وتفيدنا الجلسة أيضاً في عدة نقاط:

1- تشجيع الراوي: ينبغي إيضاح فكرة وهدف المؤسسة الراعية لمشروع التأريخ الشفوي وهدف المقابلة بطريقة واضحة ولغة بسيطة في بداية المقابلة والمشروع الذي يتم التواصل مع الراوي من أجله والتأكيد أن الهدف هو توثيق التاريخ كما هو اعتماداً على شهادات من عايشوه. كما يجب التأكيد للرواة كيف أن تجربتهم الشخصية تشكل عنصراً جوهرياً لا يمكن للمشروع ان يكتمل من دونه يتيح لهم فرصة التعبير عن مكنونات صدورهم ويمنحهم منبراً لسرد قصتهم.

2- المحافظة على خصوصية الراوي: ينبغي خلال الجلسة أن يعرف الرواة كيف تم الاستدلال عليهم والحصول على أسمائهم ولِمَ تم اختيارهم ومدى أهمية تجربتهم وروايتهم للمشروع والتأكيد للرواي أنّ كلامه مُصان والسرية مُصانة، وأنّ هدفنا ليس تعريضه لأي شيء يزعجه أبداً. ويجب أن نوضح للرواة أن المقابلة ستسجل وعليه فيجب أن يوافق الراوي خطياً قبل المقابلة على منح روايته من خلال توقيع اتفاقية بينه وبين المحاور أو المؤسسة الراعية لمشروع التأريخ الشفوي ومن خلالها يمنح الرواة المحاور الحق في تسجيل قصتهم وتوثيقها أو نشرها أو إعادة إنتاجها ويتم الاتفاق على حقوق ملكية المواد الموثقة مع أنه من الممكن استخدام اسم مستعار في حال رغب الراوي بذلك وأن تصور المقابلة إن وافق أيضاَ ولكن يمكن عدم إظهار صورتهم أو ما يدل على هويتهم الحقيقية. وينبغي أن نبين للرواة كيف سستخدم المواد الموثقة في المستقبل وأنّ لهم الحق في تحديد كيفية استخدامها ورفض نشرها أو نشر أجزاء منها لبعض الوقت أو دائماً.

3- تقييم حالة الراوي الصحية وقدرته على التذكر. فربما تستدعي الجلسة التمهيدية من المحاور تعديل خطته نظراً لأن الراوي لديه تجربة معينة أو خاصة بموضوع البحث أو لقدرته على تذكر تفاصيل معينة أكثر من غيرها فيما يتعلق بتجربته. وربما يقرر المحاور على إثرها أن يستحث ذاكرة الراوي أكثر من خلال بعض الصور أو الروايات أو أن لا يطيل وقت المقابلة نظراً لظروف الراوي الصحية.

هذا وقد تتطلب بعض الحالات القيام بأكثر من جلسة تمهيدية حتى تتاح المقابلة أخذين بعين الاعتبار أن موضوع ثقافة التأريخ الشفوي جديدة على مجتمعنا لذا فمن الطبيعي أن يرفض العديد رواية قصصهم في البداية.

المرحلة الخامسة: التحضير لموضوع المقابلة:

تحضير خريطة لموضوع المقابلة Mapping هي مسألة في غاية الأهمية تتيح تحضير أسئلة مناسبة تغطي جميع جوانب المقابلة وتسهل عملية بناء جسر الألفة بين الراوي والمحاور (Ritchie, 2003) وبناء على المعلومات التي جمعت خلال مراحل البحث السابقة ينبغي أن يتناول هذا النوع من البحث عدة أمور أهمها:

– دراسة بيئة المنطقة التي ينتمي لها الراوي ويعيش/عاش فيها قبل تحديد موعد إجراء المقابلة لمعرفة أهم الأحداث التي جرت فيها وتفاصيلها بغية سؤال الراوي عنها (متى وأين وكيف).

– بحث عن تفاصيل موضوعات معينة جرت في المنطقة لدراسة مدى تأثيرها على الراوي وتحفيز ذاكرته من خلال السؤال عنها. مثلاً: إن كان الشاهد في منطقة محاصرة فيجب أن نعرف ما شكل الحياة تحت الحصار وإن حدثت مجزرة في المنطقة فينبغي أن نعرف تفاصيل الحدث وكيف جرى.

– دراسة حالة الراوي (خطف/أسر/تهجير): مثلاً: إن كان الشخص مصاباً، يتوجب معرفة متى وأين وكيف جرح الشاهد قبل إجراء المقابلة وكذلك وضعه العائلي والمهني.

– بحث تفصيلي عن أهم الأحداث والمحطات في حياة الراوي لتأطير موضوع المقابلة والمساعدة في تحضير دليل لها فمثلاً إن جرح الشاهد في معركة فيجب معرفة ما هي المعركة وتاريخها ومكانها والمعلومات المتوفرة عن المعركة والمنطقة التي جرت فيها.

المرحلة السادسة: تحضير دليل المقابلة:

تمكّن نتائج مرحلة البحث الأولي عن موضوع مشروع التأريخ الشفوي والجلسة التمهيدية للتعرف على الراوي المحاور من تحضير مجموعة من الكلمات المفتاحية والعبارات التي تمثل المعلومات التي نرغب بمعرفتها والاستقصاء عنها خلال المقابلة فيما قد يعيق كتابة أسئلة محددة أجوبة الراوي أو يمنعه من التوسع في التفاصيل ويفرض أجندة ذات قالب صلب على ما ينبغي أن يكون حواراً مفتوحاً ومرناً فيما يستخدم المحاور قائمة المواضيع هذه كدليل أو خارطة طريق لتوجيه قصة الراوي اتجاه المواضيع التي يريد المرور عليها خلال المقابلة، وصياغة أسئلة تساعد الرواة على استذكار الماضي وسرد الرواية.

وفي كثير من الاحيان يطلب الرواة الاطلاع على المواضيع التي ستتناولها المقابلة وفي هذه الحالة يمكن تقديم قائمة الموضوعات التي اختارها المحاور مما يساعد على تحفيز ذاكرة الراوي وتعزيز الثقة بين الراوي والمحاور فعلى المحاور أن يكون دائماً على استعداد للإجابة على أية اسئلة يطرحها الراوي.

وبما أنّ مقابلات التأريخ الشفوي من النوع المرن فهذا يعني أنه في حال تقديم الراوي معلومات ليست على قائمة الموضوعات ولكن جديرة بالاهتمام فيجوز طرح أسئلة عن هذه الموضوعات الجديدة. فمرونة المقابلات تتيح للراوي دائماً أن يدير دفة المقابلة باتجاه الموضوع التالي على قائمته بعد أن انتهى من طرح أسئلته عن الموضوع الجديد.

كيف نحصد أفضل النتائج من المقابلات:

1- أسلوب المقابلة:

• مقابلة كل شخص على حدا: صياغة سياسة عامة مفادها مقابلة كل شخص على حدا وإبلاغ الرواة بذلك عند تحديد موعد المقابلة يعد مبدئاً لاحترام خصوصية الراوي وضماناً لحسن سير المقابلة وهذا ما يسمح للمحاور الطلب من الآخرين مغادرة الغرفة عند بدء المقابلة لأنّه من الممكن أن يؤثر حضور شخص آخر على أسئلة المحاور وأجوبة الراوي فقد يقاطع أو يطغى كلام الشخص المرافق على رواية الراوي أو يعرقل وجود شخص آخر دور المحاور من خلال طرح أسئلة وتوجيه المناقشة. وهو ما يتولد عن المقابلات الجماعية أيضاً ويسبب مشكلات في تفريغ المقابلات ويقيد الاستخدام المستقبلي للتسجيلات والمخرجات.

• مقابلات جماعية: يمكن للمقابلات الجماعية أن تنجح عند وضع قواعد معينة قبل بدء المقابلة: أن يوافق الرواة على ذلك خطياً – أن يوجه الراوي السؤال لشخص واحد فقط من المجموعة وأن يجيب المعني على السؤال وليس غيره ولا يطغى أو يقاطع أحد غيره. على إثرها يمكن للمحاور أن يطلب إجراء مقابلة فردية مع من يود التعمق في روايته من المجموعة.

وفي حال تواجد محاورين اثنين لمقابلة شخص واحد فيجب أخذ أذن الراوي لفعل ذلك والاتفاق بين المحاورين من سيتابع المقابلة ومن سيهتم بالأمور الأخرى المتعلقة بالمقابلة. ووضع قواعد كأن يصغي المحاوران جيداً كي لا يكررا السؤال وألا يقاطعا بعضهما أبداً.

2- صياغة الأسئلة بطريقة واضحة وممنهجة:

على المحاور أن يطرح أسئلة من قائمة الموضوعات التي حضرها بشكل يتناسب مع تجربة الراوي مع موضوع البحث على أن تكون الأسئلة:

• بسيطة ومباشرة في بداية المقابلة: لنبدأ بمقدمة عامة يمكن أن تُوظف لتوصيف التسجيل وتتضمن: اسم المحاور- اسم المؤسسة الراعية لمشروع التأريخ الشفوي – مكان المقابلة – تاريخ المقابلة (يوم شهر سنة) – عنوان المشروع – اسم الشاهد (يفضل بصوته) – وقت المقابلة في بداية التسجيل ووقت انتهائها في نهاية التسجيل. ويمكن أن تتناول الأسئلة في البداية: المنشأ والحياة الاجتماعية والمنزل والتعليم والعمر والعمل لإضفاء صفة المصداقية على المقابلة وتأطير موضوعها والسماح للباحث دراسة مدى تأثّر الراوي بالفترة التاريخية أو الحدث التاريخي المراد تأريخه.

• مفتوحة: أخبرني عن… لماذا؟ لم لا؟ كيف؟

• تفصيلية: صف … اشرح … كم مرة؟

• غير موجهة بحيث لا تظهر تحيز المحاور وتوجه جواب الراوي، فمثلاً نتجنب أسئلة من نوع: ألم يكن ذلك قاسياً؟

• استيضاحية: ماذا يعني؟ ماهو – أنا اعرف ذلك ولكن غيري قد لا يعرف ذلك

• تكميلية لاستكمال المعلومات التي يقدمها الراوي: وماذا أيضاً؟ ومن أيضاً؟ وما هي الأسباب الأخرى؟

• تطرح وجهات نظر مباينة بطريقة بسيطة: سمعنا – يُقال – بعض الناس يقولون… فما رأيك؟

• تحفيزية تستدعي قصص من الراوي: احكِ – اروِ

إنّ الأسلوب الواجب حث الراوي عليه في المقابلات هو أسلوب القصص، فالصغار يحبون القصص وكذلك الكبار وجميع الناس يحبون الاستماع إلى القصص فلذلك يجب أن نعي قوة القصة See Nash, 2019)). وأصعب الدروس يمكن أن تصل إلى الناس من خلال قصة، ولذلك التركيز على القصص أمر مهم، حتى ولو رغب الراوي في التكلم عن فكرة فيطلب منه المحاور أن يروي له قصة لنستخلص الدروس بأسلوب قصصي ممتع وبسيط يتيح للراوي إطلاق العنان لمكنونات نفسه وللمحاور التعرف عليها.

الوصول إلى القصة:

للحصول على رواية متكاملة قدر الإمكان من الراوي ينبغي أن:

– نسأل سؤالاً واحداً كل مرة: لا يجوز أن نسأل ثلاثة أو أربعة أسئلة متتالية بل يجب أن يُسأل كل سؤال بمفرده

– نمنح الرواة الوقت الكاف للإجابة ونستخدم استراتيجية الصمت: فلنبق هادئين وننتظر ففي كثير من الأحيان يظهر الراوي مكنونات نفسه ومشاعره بعد الانتهاء من رواية تفاصيل قصته.

– نستعد لأن تخرج المقابلة عن موضوعها وأن نعيد الراوي بلطف للموضوع.

– نعيد صياغة أجوبة الراوي أو نلخص جوابه تمهيداً لسؤال آخر أو تحفيزاً لذاكرته.

– نسأل عن أهم المواضيع والأمور الإنسانية وليس فقط التواريخ

– يكون السؤال الأخير فكري يستدعي تفكير الراوي ويوضح رأيه في حال لم يظهره خلال المقابلة.

– نوازن بين مدة الكلام ومدة الاستماع، فالباحث لا يتكلم فقط من أجل إظهار تفهمه للراوي بل لإثارة اهتمامه أيضاً وإشعاره بأهميته وأننا نريد أن نزيد من معرفتنا من خلاله وأن نستفيد من تجربته.

– نلتزم مبدأ الموضوعية ونفكر بعقلانية أثناء طرح الأسئلة ففحوى المقابلة قصص إنسانية لها أثرها على الراوي والمحاور سلباً أو إيجاباً.

– ندرس حالة الراوي النفسية ولغة جسده وتحليل هدفه من الرواية والنقطة التي سيصل إليها.

ومع ذلك ليس من السهل أن يستخلص الباحث من الراوي صفوة أفكاره وتجربته فهو غالباً ذاك الغريب عن الراوي ولكن بامتلاك الأدوات التي يتسلح بها سيكون من الممكن أن يقصّ الراوي على المحاور أشياء لم يذكرها أبداً لا في سيرته الذاتية ولا في تاريخه ولا في محاضراته. وهنا يكمن الإبداع، إن استطاع المحاور أن يوصل الراوي إلى مرحلة أن يُحلّق بتجربته فيخرج العمل فريداً وله قيمة كبيرة، حتى لو كان لديه كتب أخرى أو سيرة ذاتية أخرى، عن طريق دفعه إلى أن يتفوق على ذاته بالمقابلة مما ينتج عملاً لم ينتجه أحد قبلاً يرغب الناس في قراءته والإطلاع عليه.

التسجيل والتصوير:

ينبغي أن نحدد موعد ومكان المقابلة وفقاً لرغبة الراوي مع مراعاة خصوصية المكان بالنسبة للراوي وإمكانية تسجيل المقابلة لوجستياً حيث يكون مكان المقابلة هادئاً قدر الإمكان وبعيداً عن الضجيج الخارجي الذي يمكن أن يلتقطه المايكرفون وفي حال اُتخذت أيّة إجراءات لتخفيف الضجيج، يجب طلب الأذن قبل القيام بأية تغييرات. كما يتوجب علينا مراعاة راحة الراوي واختيار مكان الجلوس الأنسب له وطلب الأذن قبل تغيير ديكور الغرفة إن كان ضرورياً بحيث يوضع جهاز التسجيل بين الراوي والمحاور. هذا ويجب أن يتدرب المحاور على استخدام المسجلة لتركيز الانتباه على الراوي ومنحه القدر الكافي من الأهمية. وبين منظور الطائر ومنظور الدودة نلتزم الحياد بحيث يتوازى نظر المحاور وعدسة الكاميرا مع نظر الراوي على أن يكون تركيز الكاميرا على الراوي لا المحاور.

العلاقة بين الراوي والمحاور:

تُبنى المقابلة على علاقة ينشئها المحاور مع الراوي على أساس:

– الاحترام: إنّ مراعاة الفروق بين الراوي والمحاور من حيث العمر، الجنس، العرق، الدين، المستوى الاجتماعي والثقافي والإمكانات الفكرية والذهنية، وغيرها مع تجنب الصور النمطية هو من أهم الأمور الأساسية الواجب اتباعها سواء في طريقة التواصل مع الراوي أو طرح الأسئلة. ويجب سؤال الراوي عن الطريقة التي يود أن نخاطبه بها واستخدام الألقاب عند الضرورة. وينبغي احترام ظروف الراوي ومراعاة صحته وحالته الجسدية والانتباه إلى مدة المقابلة وتوقيتها حسب حالته فلا يجب الإطالة لأكثر من ساعتين حتى لا يتعب الراوي أو المحاور. كما ويجب احترام ظروف الراوي وتجنب طرح موضوع المقابلة في حال لم تكن حالته النفسية تسمح بذلك. ويجدر بنا إفساح مجال للراوي ليتعرف على المحاور ومحاولة تحديد إلى أي درجة يمكن الاقتراب من الراوي مما لا يؤثر على جو الألفة والاحترام. وفي حال استخدام الكاميرا وتغيير كادر التصوير فينبغي إعادة ترتيب الأثاث لما كان عليه قبل المغادرة.

– التعاطف: ينبغي أن نكون متعاطفين مع الناس ونقدر مصائبهم، فأهم شيء في روايات التأريخ الشفوي هو التعاطف واحترام مشاعر الناس مما يشجع الناس على التجاوب مع الباحثين. ويمكن إظهار التعاطف من خلال لغة الجسد كأن نهز رأسنا أو نبتسم عندما نرى ذلك مناسباً مما يظهر أيضاَ اهتمام المحاور ويكون مؤشراً على أنّه أبعد ما يكون عن الملل والتعب على أن نبقي أية تعليقات (أها- نعم) هادئة بحيث لا تطغى على صوت الراوي وتؤثر على حيادية موقفه وعليه نحاول تجنب ما قد يظهر تشجيعاً أو انتقاداً من قبل المحاور يؤثّر على موضوعية الرواية.

– الصبر: فلندع الراوي يسترسل ويأخذ وقته وليصفن ويفكر ويبكي ويرتاح مثلما يريد، فالأمر ليس سهلاً بالنسبة له أن يستعيد خلال المقابلة ذكرياته ومعلوماته. لذا يجب منحه الوقت الكافي لينتهي من الإجابة على السؤال وتفريغ حمل الأفكار التي لديه ومن ثم سؤاله عن تفاصيل تتعلق بروايته من خلال الملاحظات التي تم تدوينها أثناء عملية سرد الراوي لقصته.

– الالتزام: ينبغي الالتزام بموعد المقابلة وعدم جعل الراوي ينتظر بل يجب شكر الراوي على الوقت الذي كرسه لنا قبل وبعد المقابلة مع التأكيد على أهمية توثيق تجربته للأجيال القادمة وأنه يمكن التوقف في حال تعب و العودة بناء على الوقت الذي بإمكانه منحه لنا. وينبغي عدم تأجيل مواعيد المقابلات وأن لا يكون الفاصل كبيراً بين فترة تنسيق المقابلات مع الرواة وإجراء المقابلات معهم فالمفروض عدم الذهاب والترتيب معهم إلا عندما نكون تقريباً مستعدين. وعلينا الالتزام بوعودنا باحترام خصوصية الأفراد والمجتمعات وتجنب إلحاق الأذى بهم على أي صعيد والتأكيد أنه لن تخرج أي كلمة غير التي وافق عليها الراوي وأن المعلومات ذات الحساسية يمكن تقييد نشرها دون أن نعد بما لا نستطيع القيام به كأن نزور الشخص ثانية أو نزوده بنسخ من التسجيلات والنصوص المفرغة.

– الإصغاء: التركيز في قصة الراوي أمر ضروري يهدف إلى استخلاص أسئلة من أجوبة الراوي والتوسع في نقاط محورية يذكرها الراوي فلذا يجب الإصغاء بتمعن وانتباه طيلة فترة المقابلة وكأننا نخضع لامتحان ففي النهاية “لن تكون هناك قصة مالم يكن هناك من يصغي إليها” كما ذكرت كي جي راولينغ كاتبة روايات هاري بوتر الشهيرة.

خاتمة:

إذاَ فالأهم في مرحلة إعداد المقابلة هو التحضير الكامل والاستراتيجي والشامل للقصة الأمر الذي يوجه أسئلة الباحث وحديثه مع الراوي. فالتأريخ لحدث ما هو عمل بحثي أكاديمي، اجتماعي، تاريخي، نفسي، كل ذلك معاً، يستوجب قراءة كتب عن التاريخ وموضوع البحث. فأولاً وقبل كل شيء ينبغي جمع معلومات عن الراوي كي نضع خارطة طريق للقاء هذا الإنسان من أول لحظة سنقابله فيها وإلى آخر لحظة، وبعد ذلك نختار المحطات ونحدد اللقاء الأول والثاني إلخ، ومن الأفضل أن يتم تحضير استراتيجية كاملة للقصة وبشكل ممنهج. ولا ضير أن نبدأ المقابلة بطريقة تقليدية من خلال سؤال الراوي عن مكان ولادته وعائلته والانتقال تدريجياً إلى الحدث موضوع البحث. لكن من المهم أن نكون مرنين في منهجنا فنعود بالقصة للخلف أو نسير للأمام ونكيفها وفقاً لنفسية الراوي ومقدار تجاوبه معنا. فلكل مقابلة خصوصيتها التي تختلف فيها عن غيرها ولندع قطار الذاكرة يشق طريقه بنفسه حتى ولو لم يتماشى مع مخططنا لبعض الوقت. ففي كثير من الأحيان من الممكن أن نبدأ بالسؤال عن حادثة هي أقرب للشخص المعني رغم أنها ليست بالترتيب الزمني لسيرته، كأن نبدأ بالحديث عن منصب مهم شغله الراوي أو حدث مهم عانى منه ومن ثم نعود للأمور الأخرى المراد السؤال عنها. ومن الممكن أن تقود بيانات أخرى تجمع خلال المقابلات إلى أبحاث أخرى ربما عن نفس الشخص أو الموضوع، وربما إلى رواة آخرين تتقاطع قصته مع قصصهم.

وما يسهم في نجاح عملية الحصول على القصة هو مقاربة المقابلة وإدارتها بطريقة مهنية وعميقة ومريحة للطرفين: الشاهد والمحاور، فليس بالأمر السهل أن يقوم شخص بالكلام لساعتين أو أكثر عن تجربته وألمه وعليه إنّ التواضع والقدرة على خلق تعاطف هو الموقف الذي يجب أن يعتنقه المحاور خلال عملية صناعة الرواية عن الحدث المراد تأريخه، أي المقابلة. والمقابلة ليست عملية سهلةَ مع أنها ممتعة ومفيدة في ذات الوقت فمن خلالها يتعلم المحاور أساليب وأدوات العمل ممّن يقابلهم وينقل هذه التجربة للآخرين. وكما تختلف المقابلة باختلاف الراوي كذلك هم المحاورون فلكل منهم أسلوب مختلف وطريقة مختلفة، سواء في البحث أو الإعداد أو المقابلة. ومن الممكن أن يكتشف الباحث شيئاً مختلفاً يضيفه للتأريخ الشفوي، ولأسلوب العمل والإعداد لمقابلات التأريخ الشفوي، ينقلها ويدربها لآخرون خاصة وأنّ ثقافتنا العربية فقيرة جداً بهذا الموضوع. وعليه فإتقان فن الحوار هو أمر مكتسب كغيره فكل مقابلة تصبح أفضل من غيرها وما علينا القيام به هو أن نعرف كيف نستطيع الحصول على أفضل رواية من الراوي وكيف نقوم بوظيفتنا وواجبنا كباحث أولاً وقبل كل شيء، وكيف نكون ودودين مع الراوي فكلمة الود مهمة لإظهار امتناننا للاشخاص الذين سخّروا وقتهم لمقابلتنا ونحاول إراحتهم لقاء ذلك قدر الإمكان لتكون تجربة مريحة ومحببة لهم ولنا كباحثين. ولذا فإنّ التشاور مع الراوي بأمور تتعلق بالرواية وكذلك الصدق والصراحة تعدّ مبادئ أساسية في إنجاح المقابلة فكما سمح لنا الراوي بالاطلاع على مكنونات نفسه وخبايا قلبه فيجب مبادرته بما يعادله من الصدق والاحترام.


:References
Baylor University Institute for Oral History. (2016). Introduction to Oral History. Workshop
Available at: //http://www.baylor.edu/oralhistory (accessed on 7/5/2019)
King, N., C., Horrocks, and J., Brooks. (2019). Interviews in Qualitative Research. 2nd. London: Sage
Leavy, P. (2011). Oral History: Understanding Qualitative Research. Oxford: Oxford University Press
Nash, R. J. (2019). Liberating Scholarly Writing: The Power of Personal Narrative. Charlotte: IAP
Ritchie, D. A., 2003, Doing Oral History: A Practical Guide, 2nd ED, Oxford, OUP
Thompson, P. (2003). The Oral History Reader: The Voice of the Past. NewYork: Routledge


 

تاريخ التأريخ الشفويّ..تطور وتاريخ المفهوم

[1] Baylor University Institute for Oral History, 2016, Introduction to Oral History, workshop, available at

(http://www.baylor.edu/oralhistory (accessed on 7/5/2019//

المزيد..